اعتصموا بحبل الله

لا أحد يجهل آية سورة (آل عمران:112 ):"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" إنها مادة دستورية بامتياز. ولو أحسنا تطبيقها في حياتنا ما وصل الحال بنا إلى ما نحن فيه الآن من صراعات مبطنة وسافرة. إنها تشتمل في نصها الوجيز هذا على إيجاب وسلب, وكلاهما نحن جميعا مطالبون به   والإيجاب يتمثل في الأمر بالاعتصام بكتاب ربنا الذي يحمله في صدورهم مليون حافظ ليبي , وقد نافس فيه شباب ليبيا الدنيا بأسرها, فظفروا بأعلى المستويات , حتى صرنا يشار إلينا بالبنان. ولا شك أننا به هزمنا الطاغية الذي أراد أن يتخذه مظهرا براقا لنظامه بدون محتوى. فانظر كيف كان عاقبة المفسدين. والسلب يتمثل في النهي عن التفرق, فإنه طامة كبرى تأتي غلى الأخضر واليابس. به تدمر الأمم, وتسقط الدول, وتذوب المجتمعات, وتتفسخ الجماعات, ولا أحد يخرج منه بطائل.

   وبقية الآية تذكير بنعم جليلة أنعم الله –تعالى- بها على المسلمين هي: الألفة بعد العداوة, والتآخي بما له من معاني التلاحم, والنجاة من النار بالإسلام. وقبل الآية إيجاب وسلب أيضا, تضمنتهما آية سابقة لها مباشرة. يتمثل الإيجاب في الأمر بتقوى الله حقا وصدقا, ويتمثل السلب في النهي عن مفارقة الإسلام , ووجوب الموت عليه.

   وهذه المعاني عاش الليبيون على التعلق بها أربعين سنة من زمن التيه, لشعورهم بأنهم أخطأوا خطأ فادحا حينما ناصبوا دولة الاستقلال العداء, وهي في ريعان شبابها, متأثرين بغربان المشرق العربي وهم يتقاذفون بأقذع الألفاظ من خلال إعلام متهور يفيض بالترهات والأكاذيب, ويتقاتلون على مرمى حجر من الأرض السليبة حتى ضاعت بأسرها, والتهم ما حولها, ولله المفزع  والمشتكى.

  واليوم بعد أن صارت دولة  السابع عشر من فبراير المجيدة في متناول أيدينا دبت الخلافات بيننا بمبرر, ودون مبرر.

انتخبت لجنة الدستور, وانتخبت المجالس البلدية في انتخابات شهد القاصي والداني بنزاهتها, وخلوها من التزوير الذي عودنا الطغاة عليه ولا يزالون. وعما قريب – بإذن الله- سنشهد انتخاب المؤتمر الوطني الجديد. فلماذا لا نتطاوع, ولا نتحدث عن مستقبل الأمة بصراحة؟ ولماذا نقصي ديننا من حياتنا, ونحن قوم أعزنا الله بالإسلام, فإن طلبنا العزة في غيره أذلنا الله, والعياذ بالله, كما هو مشاهد في حياة بعض من المسلمين؟ وهل مات من مات من الألوف في أعماق السجون, ومطاردا في الخارج,  بعد التعذيب والتنكيل, لقولهم ربنا الله, ليحرم أولادهم وغيرهم من الصيرفة الإسلامية وعدالة الإسلام ,ويحترقوا في أتون الفساد؟