مواسم الخير

        الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

   يتهاون بعض الناس في الاهتمام والاحتفاء بما أتاحه الإسلام لهم من أيام وليال مباركات يمحى فيها الوزر ، ويضاعف الأجر، بوعد الله الذي لا يخلف وعده، بل ويتساهلون إلى أبعد من ذلك فيحتفلون بأيام أخرى ما أنزل الله بها من سلطان، فيعدونها أعيادا يتبادلون فيها التهاني والهدايا مجاراة لغير المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ومن ذلك ما يسمى بعيد الميلاد، وعيد الأم، وعيد الطفل ، وعيد الحب، وعيد العَلَم، وعيد العرش، وعيد الجيش.

   وجدير بكل مسلم أن يعرف مواسم الخير، والأيام والليالي المباركات في الإسلام، ليعرّض نفسه لرحمات الله ونفحاته، ومن هذه المواسم يوم عاشوراء، وليلة القدر، وأيام الليالي العشر من ذي الحجة، ويوم عرفة، ويوم الجمعة، وشهر رمضان، والأشهر الحرم: المحرم، ورجب، وذو القعدة، وذو الحجة إلخ.

   فالنبي-صلى الله عليه وسلم-يبين فضل الأيام العشر التي تمر بنا هذه الأيام بقوله-صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما-:" ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله –عز وجل- من هذه الأيام. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله يا رسول الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء " ويخص النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة ببيان عظيم أجره بقوله- صلى الله عليه وسلم-في الحديث الصحيح من حديث أبي قتادة- رضي الله عنه-" صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده " وتكفيره ما انفرط من ذنوب وآثام السنة التي قبله معلوم، كما هو موعود به المسلم بصيام رمضان وقيامه إيمانا واحتسابا، ولكن تكفيره سنة بعده، كما يقول بعض أهل العلم، يعني التوفيق إلى صالح العمل فيها.

    وتتوج الأيام العشرة بيوم الحج الأكبر، كما سماه الله –تعالى- في محكم التنزيل، وهو يوم عيد الأضحى، بما يحمله من ذكريات التضحية والفداء لنبيي الله إسماعيل وأبيه إبراهيم-عليهما السلام- كما قال- تعالى- حكاية لقولهما في سورة (الصافات: 102  ):" يا بني: إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى. قال يا أبت : افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ". وهو موقف يذكرنا بالتضحيات الجسام التي بذلها، وما يزال يبذلها ثوار السابع عشر من فبراير، خلال الأربعين سنة العجاف الماضية، وإبان الثورة الليبية المباركة، وإلى يوم الناس هذا في بنغازي الجريحة، ودرنة المحاصرة. وما النصر إلا من عند الله.

   نسأل الله-تعالى- أن يمد المجاهدين الثائرين بمدد من عنده، ويخذّل الأعداء المجرمين، ويحفظ الحجاج والعمار في بره وبحره وجوه، ويوفقنا وإياهم إلى خير الضحايا والهدايا ويتقبل منا ومنهم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.