الحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
مبدأ شرعي راسخ، وحكم عقلي صادق، وقاعدة منطقية ثابتة، وقبل ذلك هو معنى قرآني عادل:" أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى، فما لكم كيف تحكمون " (يونس-عليه السلام-:35) والذي يهدي إلى الحق هو الله- سبحانه وتعالى- ولهذا سمى ذاته العلية بالحق، وهو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، ولا يقبل العمل عند الله- جل وعلا- إلا إذا كان لوجه الحق وحده؛ فإذا كان الأمر كذلك؛ فلماذا العداء بين أبناء الشعب الواحد، والأمة الواحدة، والإنسانية جمعاء؟ لا غرابة في ذلك بين أبناء الأمم لاختلاف مصادر المعرفة، وتباين القيم، وتضارب المصالح، ولكننا في مجتمعاتنا صرنا نرى القبيلة تحوز كل الحقوق، ولا تكاد تعترف لغيرها بشيء، وهو مبدأ جاهلي ينافي مبادئ ديننا وأعرافنا الاجتماعية الشرعية وروابط أمتنا المسلمة. يقول الشاعر الجاهلي:
وما أنا إلا من غزية، إن غوت غويت، وإن ترشد غزية أرشد
ولا ريب أن أهل العلم والخبرة من علماء الدين، ورجال السياسة، وأساتذة الجامعات، والعسكريين، إن وضعوا نصب أعينهم حاجة مجتمعهم وأمتهم إلى أفكارهم النيرة المتابعة للحق، قادرون على أن ينقذوا البلاد والعباد من جميع الفتن ، ما ظهر منها وما بطن.
إن الأرواح المسلمة التي تزهَق، والدمار الذي يُهلك، والنيران التي تأتي على الأخضر واليابس تطمس كل الهويات: الدين والوطن والأمة" والله يقول الحق وهو يهدي السبيل " (الأحزاب:4 ) وهو القائل- تبارك وتعالى-: " فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم "(الأنفال:1 ).