أين نحن من ديننا؟

   سؤال جدير بأن يوجهه كل منا إلى نفسه، وأن يحاول الإجابة عنه، ولكنّي واثق من أن الإجابات ستكون ليست بالأمر الهين؛ لأننا سنواجه حقائق لم تكن في حسباننا، وأن كثيرين منا يتقمصون الدين ويخلعونه، من حيث يدرون أو لا يدرون، حين يصدرون أحكامهم في كثير من المواقف؛ بسبب فساد نظرتهم لدينهم، وبحسب سوء فهمهم له، وبحسب ضعف حرصهم عليه.

   الملحد والمنافق ومن لف لفهما من العَلمانيين ليس لديهم من الإسلام سوى الاسم الإسلامي في البطاقة الشخصية، وأن حاملها مسلم يلقي على الإسلام تبعات المفسدين، ولا يبالي بالنتائج السيئة المترتبة على هذا الزعم.

   والواعي بدينه، الوسَطي في سلوكه يدرك أن الإسلام مجسد في مثله وقيمه العليا، كالصدق، والأمانة، والنزاهة، والعفاف، والمروءة،  والصبر، والكرم، والعدل، والإحسان، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.. إلى آخر المسرد الرائع لأخلاقنا الإسلامية، كما أنه يتجسد في شريعته السمحة القائمة على إحقاق الحق والتيسير في صلة العبد بربه، والتعاون على البر والتقوى في علاقته  بغيره ، كما أنه في عقيدته يدين لله وحده لا شريك له بالإيمان الخالص لله –جل وعلا- وبالعمل الصالح الذي تصدق به جوارحه ما يعتقده بقلبه، ويعمر به أرض الله الواسعة.

    والدعي الغالي المغالط يرى الإسلام من خلال أفقه الضيق الذي تغيب فيه القرون المتطاولة من تاريخ الإسلام, والملايين من المسلمين الذين عاشوا مستمسكين به حتى أنبته الله- تعالى- ومن عداه لا مكان له في جنان الله الواسعة.

    إن الحقيقة المذهلة التي ندركها من خلال سلوكنا، في إجابتنا عن السؤال السابق أن الإسلام في واد بينما المسلمون في واد آخر، وأن ما يلحق بالإسلام من آثار الانحراف في سلوك المسلمين أشد ضررا من عدوان أعدائه. ولا حول ولا قوة إلا بالله.