الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
إن بلادنا ليبيا الجريحة في حاجة ماسة إلى الإجراءات التي تجمع كلمة أبنائها، وتوحد صفوفهم، وتقوي اللحمة التي تربطهم؛ وهم في غنى عن الإجراءات التي توقع الخلافات فيما بينهم، والمسؤول الذي يقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه ينبغي أن يكون مدركا لهذه الحقيقة؛ فيقدم الأهم على المهم، والمناسب على المحفوف بالمخاطر، فإن لم يفعل فمستشاروه ومن يشاركونه المسؤولية هم أولى الناس بتنبيهه إلى خطورة ما يفعل، فإن ضرب بآرائهم عرض الحائط رده رئيسه عن التمادي في خطأ ما يفعل؛ فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، ومنعه من التمادي في إصراره، فإن مستعظم النار من مستصغر الشرر .
وفي هذه الأيام التي تمر بنا فيها ذكرى هلاك طاغية البلاد خلا ل العقود الأربعة السابقة نذكّر بما كان منه من محاربة التعليم الديني، بإغلاق المدارس القرآنية، والمعاهد الدينية، وجامعة السيد محمد بن علي السنوسي، والقسم العام بحامع أحمد باشا، ودار الحديث بجامع أبي رقيبة والتضييق على أهل العلم الشرعي بالفصل من الوظيفة، أو الحبس، أو القتل في الداخل والخارج، كما حدث للشيخ محمد البشتي، والدكتور محمد بن غالي رحمهما الله تعالى، مما أدى إلى أمرين فيهما مجازفة ومخاطرة شديدتان على النفس:
أحدهما عقد بعض العلماء مجالس علمية خاصة ببيوتهم لخواص تلاميذهم،
ويثوقفون عنها أحيانا عندما تشتد الحملات الأمنية. ثانيهما فرار بعض طلبة العلم إلى الخارج وتلقيهم العلم في بيئات مختلفة تسود بها مذاهب إسلامية أخرى، ولها ظروفها السياسية وأعرافها وعاداتها الاجتماعية الخاصة المختلفة عن عاداتنا وأحوالنا؛ وها نحن أولاء نرى هذا النمط من التعليم الغريب عنا ينتشر خارج رقابة الجهات التعليمية المسؤولة، ، وفي نفس الوقت يلغى التعليم الديني المشرع بقوانين ثورة السابع عشر من فبراير المباركة، وفي ذات الوقت ينشط التعليم الديني عند اليهود والنصارى والبوذيين والهندوس، ويبلغ الأمر بالمنتسبين إليه أنهم يقيمون الحكومات الصهيونية المتعصبة لاحتلال القرى الفلسطينية، وتنصير المسلمين في أفريقيا، وإزهاق أرواح المسلمين الروهينقيا على أيدي الرهبان البوذيين في ما نيمار. اللهم قد بلغت. اللهم فاشهد.