يوم اللغة العربية في الجامعة

   بسم الله الرحمن الرحيم

                                   

   الحمد لله رب العالمين، خلق فسوى، وعلّم فهدى، وصلى الله وسلم على نبيه  المصطفى، وآله وصحبه الشرفاء، وتابعيهم الأوفياء.

أيها السادة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

  إنه لمن الفرص السانحة أن يكون للغة العربية يوم عالمي يحتفى بها فيه، وتوضع الخطط والبرامج لمزيد من الرقي بها في الجامعات ، والمؤسسات التعليمية، والوسائل الإعلامية، والمواقع الاجتماعية إلى جانب إعداد البحوث والدراسات، والرسائل الجامعية والمصنفات، وإقامة الندوات والمؤتمرات المتوالية  في المشارق والمغارب، طوال العام.

   وإنه لمن فضل الله علينا أن نكون دعائم لغة الضاد ، ولسانِ العرب وأهل الإسلام، نسير بها إلى مدارج الرفعة، بحول الله تعالى ،مقتفين أثرعلمائنا السابقين الذين جرّدوا أقلامهم لخدمتها ونشرها في أزمنة شحت فيها الوسائل والأدوات؛ فعالجوا مسائلها بإحكام، واجتهدوا فأحسنوا. " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم" (الحديد:20،والجمعة:4).

   وكان من صنيعهم المبارك أنهم قعّدوا لاشتقاق ألفاظها اللغوية، وتصريف صيغها الصرفية، وإعراب تراكيبها النحوية، ومعاني مفرداتها المعجمية، ومجازات أساليبها البلاغية، وهو ما أذهل أصحاب الألسنة الأخرى؛ وكيف لا، وهي آية من آيات الله الباهرة؛ كما قال ، جل من قائل :" ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين " (الروم: 21 ) بل بها نزل كتاب رب العالمين؛ كما قال –عز وجل-:" وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين "(الشعراء:192-195 ) وإنه القرآن الكريم الذي تعهد الله بحفظه، وهو ما يعني حفظها والحاجة المتواصلة إلى استعمالها؛ كما قال – جل وعلا-: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " (الحجر:9) ولا سيما أنها لغة سنة الرسول الخاتم، صلى الله عليه وسلم.

   لقد كنت تواقا إلى الجامعة منذ أن شببت عن الطوق؛ فكنت أتمنى أن أرى نفسي بين طلابي في الجامعة أناقشهم ويناقشونني؛ وقد كان ذلك وتحقق لعشرات السنين، والحمد لله. نسأل الله-تعالى- القبول.

   لقد أتاح الله- تعالى- لي زمالة أساتذة كبار هم أساتذة لي، ودرّست طلابا أوائل كثير منهم، بفضل الله، الآن أساتذة جامعيون، وبعضهم مربون تربويون، ووعاظ وخطباء مصاقع يؤدون رسالتهم نحو لغتهم، ودينهم الحنيف، وبني أمتهم، ويبذرون ثروتها اللغوية في ألسنتهم. وكان شعاري قول البارئ-سبحانه وتعالى-:" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " (المائدة:3) في أجواء مشحونة بالمصاعب تخفف منها حكمة الشاعرالحكيم:

        ولستَ بمستبق أخا لا تلمُّه     على شَعَث. أيُّ الرجال المهذبُ؟

   وهأنذا أقترح على زملائي بالجامعة من واقع خبرتي العلمية والعملية ما أحس أنه يكمل مالم أتمه:

أولا: إتاحة الفرص للجميع للعمل الجماعي، من خلال المجموعات المتعاونة، والصفوف المتراصة.

ثانيا: الحفاظ على المكتسبات المتحققة على أرض الواقع من دوريّات علمية، ومعامل لغوية، وشعبة تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وندوات ومؤتمرات سنوية تقيمها الجامعة لتحقيق نتائج علمية.

ثالثا: الاستفادة من ساعة الظهيرة بإقامة صلاة الظهر، والبرامج الثقافية : محاضرات، وأمسيات شعرية، ومسابقات قرآنية وأدبية ونحوها، تحقيقا للتنافس العلمي، ونشرا للآداب والأخلاق الإسلامية.

رابعا: إنشاء ناد لغوي لطبع ملخصات للرسائل الجامعية، وبحوث التخرج الممتازة للتعريف بها، وتكريما لأصحابها المتفوقين، وإفادة للباحثين، ولتكوين خبراء لغويين لإمداد مجمع اللغة العربية بهم.

خامسا: طبع الجامعة في مطبعتها الأطروحات العلمية المتميزة، ومؤلفات أعضاء هيئة التدريس، ومنشوراتها.

سادسا: التنازل عن حق تأليفي في طباعة كتابي(الأصوات ووظائفها) لصالح جامعة طرابلس، من يومنا هذا، فهو وقف عليها لطبعه متى شاءت، أفضل من طبعته الأخيرة.

سابعا: إقامة حفل تأبين للزميل العلامة الفقيد الشيخ د. نادر السنوسي العمراني-رحمه الله- جريا على عادة الجامعة في تأبين الموتى من أساتذتها، إكراما لهم، وتعريفا بفضلهم.

   أكرمكم الله، وجزاكم الله خيرا عن العلم وأهله، ورحم الله موتى شيوخنا وأساتذة جامعاتنا، ووالدينا ووالديهم وأستاذنا عبدالله محمد الهوني الذي كان شعلة في ظلام دامس، وأنتم على ذلك من الشاهدين، وغفر لنا ولهم  جميعا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.